( منقول )
الأصل في الإنسان الحرية. كذلك إبداء الرأي والتعبير عن الأفكار والتحاور، وهي سمة تميز بها الإنسان عن الكائنات الحية الأخرى وهي بنفس الوقت من الناحية السيكولوجية تدريب الثقة بالنفس وتأكيد حرية التعبير عن المشاعر، لذا يرى علماء النفس أن حرية التعبير يشير إلى مفهوم تأكيد الذات وهي خاصية تبين أنها تميز الأشخاص الناجحين من وجهة نظر الصحة النفسية والفاعلية في العلاقات الاجتماعية. ويرى (سالتر 1994) أن هذه الخاصية تتوفر في البعض فيكون توكيديا ناجحا في مختلف المواقف وقد لا تتوافر في البعض الآخر فيصبح سلبياً وعاجزاً عن توكيد نفسه في المواقف الاجتماعية المختلفة. أما عالما النفس المشهورين (ولبي ولازاروس) فقد أعادا صياغة خاصية التعبير وتطويرها بقولهما: تتمثل في التعبير عن النفس والدفاع عن الحقوق الشخصية عندما تخترق دون وجه حق.
إن المراد من الحرية الشخصية أن يكون الشخص قادرا على التصرف في شؤون نفسه وفي كل ما يتعلق بذاته، آمناً من الاعتداء عليه في نفّس أو عرض أو مال أو أي حق من حقوقه، على أن الحرية الشخصية تتحقق بتحقق أمور: مكون من حريات عدة وهي:
حرية الذات، حرية المأوى، حرية الملك، حرية الاعتقاد، حرية الرأي وحرية التعليم، ففي تأمين الفرد على هذه الحريات كفالة لحريته الشخصية. وكلما أدرك الفرد في كل موقع من مواقع الحياة الاجتماعية متطلبات هذه المسؤولية الاجتماعية، وامتلاك زمام نفسه دون تأثير الآخرين عليه قسراً أو عنوة، فأنه يمكن إيفاءه من حقوق تجاه الوطن والمساهمة فيه من حيث البناء والتشييد الجديد للأبنية المعنوية السيكولوجية والاجتماعية بعد عقود من التسلط والهدم المنظم، وانهارت خلالها قيم كانت سائدة، ولكنها تمزقت وتناثرت.
كل ذات إنسانية قادرة على التعبير عن نفسها وتمتلك وسائلها في التعبير للبوح عما في داخلها من هواجس وأراء، لذا فالذات الإنسانية ليست التعبير عن الفردية ضد المجموع، بل التعبير عن الأنا لصالح المجموع، وهي تستمد أبعادها الحقيقية من الأجواء الديمقراطية ومن نهج التسامح وقيم الخير وقبول الأخر والتعاطف مع الآخرين وإنشاء المودة بين الناس مهما كانت مذاهبهم أو أجناسهم أو أديانهم أو اتجاهاتهم، لذا من اللازم النظر بين الحرية والمسؤولية في معظم الحالات كوضع ايجابي لأنه يخلق توازنا يحّول دون تحّول الحرية إلى فوضى ويكبح إمكانية نموها إلى استبداد. على الناس في ظل الأنظمة الديمقراطية احترام حقوق الآخرين، إن لم يكن من باب اللياقة، فمن باب المفهوم الأساس القائل بأن انتقاص أو تقليل أو سلب حقوق فرد واحد قد ينتج عنه فقدان هذه الحقوق بالنسبة لجميع الناس، ونرى في قول السيد محمد الحسيني الشيرازي (رحمه الله) في الحرية الحقة قوله: الحرية أصيلة في الإنسان، التحرر هو الطابع العملي في عالم الواقع والحياة، الإسلام يجمع بين أصالة الحرية وضرورة التحرر، الحرية هي التي تؤطر القوانين الاجتماعية، العلاقة بين الحرية والتوحيد علاقة عضوية.
الروابط الاجتماعية والعلاقات بين الناس
يقول علماء النفس إن الناس بحاجة إلى الناس فالبشر يقدم كل منهم للآخر أعظم مسرات الحياة وأفراحها وكذلك مشاركتهم بأحزانهم ومواقفهم المؤلمة عند الأزمات والشدائد، وربما كان هذا السبب الرئيس في فكرة التقارب والالتقاء النفسي وإقامة أواصر المودة والألفة بيننا، فالانتماء الاجتماعي وإقامة العلاقات تحكمه عدة دوافع وحاجات نفسية لاسيما أن الدوافع في الأساس هي حالة داخلية تنتج عن حاجة ما وتعمل هذه الحالة على تنشيط استثارة السلوك الموجه عادة نحو تحقيق الحاجة المنشطة. واهم تلك الدوافع، الدوافع الاجتماعية بعد أن عزلنا الدوافع الأخرى التي يعرفها طلبة علم النفس بشكل مفصل مثل الدوافع التي تنشأ لإشباع حاجات فسيولوجية أساسية (مثل الحاجة للطعام والماء) وتسمى بالحوافز. وحديثنا الآن عن الدوافع وبالتحديد الدوافع الاجتماعية التي تقود السلوك الإنساني وتوجهه نحو إشباع رغباته من خلال الاتصال بالآخرين والتفاعل معهم وإقامة الروابط بينهم، ومن أعظم الأمثلة الحياتية في ذلك، الدوافع الاجتماعية لإشباع حاجات مرتبطة بالمحبة والقبول والاستحسان والاحترام والتعبير عن الرأي واحترام الرأي والقدرة على المحاورة وقبول الآخر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق